الجمعة، 19 أبريل 2013

اخواني الزوار

بداية أحييكم بتحية الاسلام

                                                              فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته

فهذه مدونة تتناول الدروس المتعلقة بالتاريخ الاسلامي بكل عظمته للمرحلة الثانوية

ثم اثراؤها بالعديد من المعلومات الاثرائية

ليستفيد منها كل المهتمين بالتاريخ الاسلامي 

 أحاول قدر جهدي أن أصب فيها من هذا المعين الذي لا ينضب

وأتطلع دائما لمشاركاتكم البناءة عسى الله أن ينفعني واياكم بهذا العمل
                                   
  والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل 





 الاسم  /  زريفة سعود الخالدي
 

 معلمة  تاريخ الوظيفة / 

 
الهوايات :    القراءة  - البحث - الرياضة
 

اللغات  : الانجليزية - العربية

 


صور من التاريخ الاسلامي

                           
    أحد الآنية لدى المسلمين قديماً




جامع أحمد بن طولون



صورة من مخطوطة اسلامية توضح تشريح الانسان


قصر الحراء بغرناطه بالاندلس



مأذنة جامع قرطبة بالاندلس

هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة



هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر الصديق رضى الله عنه


لما علم كفار قريش أن رسول الله صلى عليه وسلم صارت له شيعة وأنصار من غيرهم، ورأوا مهاجرة أصحابه إلى أولئك الأنصار الذين بايعوه على المدافعة عنه حتى الموت، اجتمع رؤساهم وكبارهم في دار الندوة، وهي دار بناها قصي بن كلاب، كانوا يجتمعون فيها عند ما ينزل بهم حادث مهم، اجتمعوا ليتشاوروا فيما يصنعون بالنبي صلى الله عليه وسلم.

فقال قائل منهم: نحبسه مكبلا بالحديد حتى يموت، وقال آخر: نخرجه وننفيه من بلادنا، فقال أحد كبرائهم: ما هذا ولا ذاك برأي؛ لأنه إن حُبس ظهر خبره فيأتي أصحابه وينتزعونه من بين أيديكم، وإن نُفي لم تأمنوا أن يتغلب على من يحل بحيهم من العرب؛ بحسن حديثه وحلاوة منطقه حتى يتبعوه فيسير بهم إليكم، فقال الطاغية أبو جهل: الرأي أن نختار من كل قبيلة فتى جلداً ثم يضربه أولئك الفتيان ضربة رجل واحد؛ فيتفرق دمه في القبائل جميعاً؛ فلا يقدر بنو عبد مناف على حرب جميع القبائل.

فأعجبهم هذا الرأي واتفقوا جميعاً وعينوا الفتيان والليلة التي أرادوا تنفيذ هذا الأمر في سَحَرها، فأعلم الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بما أجمع عليه أعداؤه، وأذنه سبحانه وتعالى بالهجرة إلى يثرب (المدينة المنورة)، فذهب إلى أبي بكر الصديق رضى الله عنه وأخبره وأذن له أن يصحبه، واتفقا على إعداد الراحلتين اللتين هيأهما أبو بكر الصديق لذلك، واختارا دليلا يسلك بهما أقرب الطرق، وتواعدا على أن يبتدئا السير في الليلة التي اتفقت قريش عليها.


وفي تلك الليلة أمر عليه الصلاة والسلام ابن عمه على ابن أبي طالب أن ينام في مكانه ويتغطى بغطائه حتى لا يشعر أحد بمبارحته بيته. ثم خرج صلى الله عليه وسلم، وفتيان قريش متجمهرون على باب بيته وهو يتلو سورة (يس)، فلم يكد يصل إليهم حتى بلغ قوله تعالى: (فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ)، فجعل يكررها حتى ألقى الله تعالى عليهم النوم وعميت أبصارهم فلم يبصروه ولم يشعروا به، وتوجه إلى دار أبي بكر وخرجا معاً من خوخة في ظهر البيت، وتوجها إلى جبل ثور بأسفل مكة فدخلا في غاره.

وأصبحت فتيان قريش تنتظر خروجه صلى الله عليه وسلم، فلما تبين لقريش أن فتيانهم إنما باتوا يحرسون على بن أبي طالب لا محمداً صلى الله عليه وسلم هاجت عواطفهم، وارتبكوا في أمرهم، ثم أرسلوا رسلهم في طلبه والبحث عنه من جميع الجهات، وجعلوا لمن يأتيهم به مائة ناقة، فذهبت رسلهم تقتفي أثره، وقد وصل بعضهم إلى ذلك الغار الصغير الذي لو التفت فيه قليلا لرأى من فيه.

فحزن أبو بكر الصديق رضى الله عنه لظنه أنهم قد أدركوهما، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَتَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا)، فصرف الله تعالى أبصار هؤلاء القوم وبصائرهم حتى لم يلتفت إلى داخل ذلك الغار أحد منهم، بل جزم طاغيتهم أمية بن خلف بأنه لا يمكن اختفاؤهما به لِمَا رأوه من نسج العنكبوت وتعشيش الحمام على بابه.

وقد أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بالغار ثلاث ليال حتى ينقطع طلب القوم عنهما، وكان يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ثم يصبح في القوم ويستمع منهم الأخبار عن رسول الله وصاحبه فيأتيهما كل ليلة بما سمع، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام في كل ليلة من هذه الليالي، وقد أمر عبد الله بن أبي بكر غلامه بأن يرعى الغنم ويأتى بها إلى ذلك الغار ليختفي أثره وأثر أسماء.

وفي صبيحة الليلة الثالثة من مبيت رسول الله عليه وسلم وصاحبه بالغار، وهي صبيحة يوم الاثنين في الأسبوع الأول من ربيع الأول سنة الهجرة (وهي سنة ثلاث وخمسين من مولده صلى الله عليه وسلم، وسنة ثلاث عشرة من البعثة المحمدية) جاءهما بالراحلتين عامر بن فهيرة مولى أبي بكر؛ وعبد الله بن أريقط الذي استأجراه ليدلهما على الطريق، فركبا وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة ليخدمهما، وسلك بهما الدليل أسفل مكة، ثم مضى بهما في طريق الساحل.

وبينما هم في الطريق إذ لحقهم سراقة بن مالك المدلجى؛ لأنه سمع في أحد مجالس قريش قائلا يقول: إني رأيت أسودة بالساحل أظنها محمدا وأصحابه. فلما قرب منهم عثرت فرسه حتى سقط عنها، ثم ركبها وسار حتى سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهو لايلتفت وأبوبكر يكثر الالتفات، فساخت قوائم فرس سراقة في الأرض فسقط عنها، ولم تنهض إلا بعد أن استغاث صاحبها بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد شاهد غباراً يتصاعد كالدخان من آثار خروج قوائم فرسه من الأرض، فداخله رعب شديد ونادى بطلب الأمان، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه حتى جاءهم وعرض عليهم الزاد والمتاع فلم يقبلا منه شيئاً؛ وإنما قالا له: اكتم عنا، فسألهم كتاب أمن؛ فكتب له أبو بكر ما طلب بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاد سراقة من حيث أتى كاتما ما رأى، وقد أخبر أبا جهل فيما بعد، وقد أسلم سراقة يوم فتح مكة وحسن إسلامه.

واستمر رسول الله وصاحبه في طريقهما حتى وصلا قُباء، من ضواحي المدينة، في يوم الاثنين من ربيع الأول، فنزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني عمرو بن عوف ونزل أبو بكر رضى الله عنه بالسُّنْح (محلة بالمدينة أيضا) على خارجة بن زيد، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء ليالى؛ أنشأ فيها مسجداً، هو الموصوف في القرآن الكريم بأنه أسس على التقوى من أول يوم، وصلى فيه عليه الصلاة والسلام بمن معه من المهاجرين والأنصار، وقد أدركه صلى الله عليه وسلم بقباء على بن أبي طالب رضى الله عنه بعد أن أقام بمكة بعده بضعة أيام ليؤدى ما كان عنده من الودائع إلى أربابها.

للمزيد

http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&id=182515

مراحل دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم


الدعوة الجهرية في مكة
بعد ثلاث سنوات كاملة من الدعوة السرية كان عدد المسلمين نحو الستين من الرجال والنساء، وقد بات من المتعذر على أهل مكة أن يستأصلوا الإسلام بكامله، خاصةً إذا كان هؤلاء المسلمون من قبائل مختلفة، وأن معظمهم من الأشراف، هنا أَذِن الله  عز وجل  لرسوله الكريم  صلى الله عليه وسلم  أن يجهر بالدعوة.
كانت الدعوة الجهرية مرحلة جديدة من مراحل بدايات الدعوة الإسلامية، وفي بداية هذه المرحلة أعلن رسول الله   صلى الله عليه وسلمدعوته، بينما ظل المسلمون على سرّيتهم ما استطاعوا، فكان هذا تدرجًا واضحًا في طريق الدعوة.
وكما أُمر الرسول  صلى الله عليه وسلم بالبلاغ، فقد أُمر أن يبدأ بأقربائه بالتحديد دونَ بقية الناس، وهذا نوع من التدرج في إيصال الدعوة للعالمين، إذ نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، وقد أمره الله  بدعوة الأقربين.
جاءت الأوامر من الله عز وجل أن يوسّع الرسول  صلى الله عليه وسلم دائرة الدعوة، ويقوم بصيحة أعلى لدعوة قبيلته الكبيرة قريش بكل بطونها، فما كان من الرسول  صلى الله عليه وسلم إلاَّ أن صعد جبل الصفا فجعل ينادي: "يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ، يَا بَنِي هَاشِمٍ". كل بطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما الأمر، فجاء - كما يقول ابن عباس في رواية البخاري - أبو لهب وقريش، ومع كونهم يعلمون سلفًا أن النبيَّ  صلى الله عليه وسلم صادقٌ أمين إلا أنهم تراجعوا عن دعوته بل وحاربوها.
لا ريب أن أهل مكة حاربوا الدعوة، ولم يؤمنوا بها للعيوب الأخلاقية والاجتماعية التي كانت فيهم، وأن أنفسهم لم تطِب لتصديق النبي     صلى الله عليه وسلم؛ بسبب تقاليدهم وجبنهم والقبلية المتعصبة التي كانت فيهم، ذلك التعصب وتلك القبلية أو القومية هي من صفات الجاهلية، وكما كان الكِبر كان الخوف على المصالح والزعامة والرياسة سببًا من الأسباب الرئيسية لعدم دخولهم الإسلام، فالإسلام يعدل بين الناس ويسوي بينهم، وهو ما أرَّق بعضهم؛ فالعنجهة القرشية القديمة التي تمتّع بها القرشيون بين القبائل ستسحب منهم، ويتحول ذلك السيد صاحب الصوت الجهوري إلى مواطن عادي يضارع أخيه الذي يصغره مقامًا أو فقرًا، وكذا خوفهم على مصالحهم المالية خوفًا من الضياع والتبدد والهلاك؛ فهم مستفيدون من وضع مكة الحالي المنغمس في الشهوات والمفاسد، والإسلام يدعو للتقيد بأحكامه حتى لا تكون حرية عاهرة، فالحرية في الإسلام هي التقيد بأحكامه؛ فمَنَعهم عن الإسلام غباؤهم في استيعاب قضية التوحيد والبعث والحاكمية.
لماذا الدعوة للأقربين أولاً؟

كانت الدعوة الجهرية مرحلة جديدة من مراحل بدايات الدعوة الإسلامية، وفي بداية هذه المرحلة أعلن رسول الله    صلى الله عليه وسلم دعوته بينما ظل بقية المسلمين على سرّيتهم ما استطاعوا، وكان هذا تدرجًا واضحًا في طريق الدعوة.
وكما أُمر الرسول   صلى الله عليه وسلم  بالبلاغ، فقد أُمر أن يبدأ بأقربائه بالتحديد ودون بقية الناس، وكان هذا أيضًا نوعًا من التدرج في إيصال الدعوة للعالمين، حيث كان قد نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214].
ولماذا الأقربون بالذات؟!
أولاً: لأن هناك حبًّا فطريًّا لشخص الداعية من الأقربين، وبهذا فإن الأقربين سيكونون أقرب للإجابة، فالقريب ليس بينه وبين الداعية حواجز قبلية أو حواجز عنصرية، أو غير ذلك من الحواجز.
ثانيًا: لأنه بذلك سيكون في حمية قبلية تدافع عنه، وإن هذا ليعطي قوة كبيرة للداعية، خاصة إذا كان له عائلة كبيرة وضخمة، كما أنه لو آمنت هذه العائلة بما يقول الداعي لأصبحت عضدًا له في دعوته.
ثالثًا: أن دعوة الأقارب مسئولية أُولى على الداعية، حديث رسول الله  صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". ومن هنا جاءت أهمية صلة الرحم، وأهمية دعوة الأقربين.
ولنتخيل لو أن الداعية كان يُحارب في عقر داره، يُحارب من داخل بيته أو عشيرته أو قبيلته، نتخيل لو أن زوجته أو ابنه أو أباه أو غيرهم ممن هم من أهله وعشيرته كان يعوق مسيرته، فإنه -ولا شك- سيواجه الكثير من الصعاب في طريق الدعوة، ومن هنا نؤكد على نقطة بنائية مهمة، ألا وهي: دعوة الأقربين أهم بكثير من دعوة الناس عامة.
وفي توضيح أكثر وتدليل على ما سبق ما كان من أمر لوط  صلى الله عليه وسلم حينما جاءه قومه يراودونه عن ضيفه، فقد رد عليهم متأسفًا: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80].
إذ لم يكن لسيدنا لوط  صلى الله عليه وسلم عائلة قوية تحميه وتقف من ورائه، فكان يودّ لو أن له عائلة قوية لوقف أمام القوم يدافع عن ضيفه، وهنا قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم معلقًا على موقفه هذا: "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى لُوطٍ؛ لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (يعني الله   صلى الله عليه وسلم)، فَمَا بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ".
وعلى النقيض من هذا كان موقف شعيب   صلى الله عليه وسلم، وذلك حين جاء إليه قومه يعترضون عليه فقالوا: {وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [هود: 91]. ومن هنا فقد كانت دعوة الأقربين ذات أهمية بالغة في بناء الأمم.
لذلك حين نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] تحرك رسول الله  صلى الله عليه وسلم ودعا الأقربين إلى طعام وكان عددهم خمسة وأربعين من أهله وعشيرته، حيث إن الدعوة على الطعام مما ترقق القلوب، وتبعث على المودة والألفة.
موقف أبي لهب من الدعوة
وفي هذا الاجتماع وقبل أن يتكلم رسول الله  صلى الله عليه وسلم ويجهر ويصرح لهم بأمر دعوته حدث أمر غريب، فقد وقف أبو لهب وقال: هؤلاء هم عمومتك وبنو عمك، فتكلم ودع الصباة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة.
وهذا يعني أن أبا لهب كان يعلم بأمر الدعوة وأمر الإسلام، ولكنه ما اعترض عليه من قبل، ولم يعترض أحد من قريش قبل ذلك مع اكتشافهم أمر بعض المسلمين، ولقد كان ذلك لأن المسلمين كانوا يكتفون بعبادات فردية، كانوا يعبدون الله   صلى الله عليه وسلم في بيوتهم، وقد ظن أهل قريش أن هذا لا يعدو أن يكون مثل أفعال بعض السابقين الذين تنصروا أو اتخذوا الحنيفية دينًا.
فالأمر الطبيعي أن أهل الباطل لا يمانعون أن تعبد ما تشاء في بيتك، طالما أن ذلك دونما تدخلٍ منك في أمر المجتمع، أما أن يجمع محمد   صلى الله عليه وسلم الناس ويبدأ في دعوتهم إلى ما هو عليه، ثم يسفّه ما يعبدون من دون الله، ثم يُحكّم الله الذي يعبده في أمورهم، فهذا ما يرفضه أهل الباطل من قريش.
ومن ثم كانت هذه مبادرة أبي لهب، وقد أتبعها بكلام شديد حيث قال: "فما رأيت أحدًا جاء على بني أبيه بشرٍّ مما جئت به".
وهنا وفي حنكة وحكمة بالغة سكت رسول الله   صلى الله عليه وسلم ولم يقم بما كانت من أجله هذه الدعوة وذاك الاجتماع، فلم يدعُ الناس، ولم يدخل في جدل مع أبي لهب، حيث الظرف غير موات، فالجو مشحون، والخلاف قريب، وليس من الحكمة تبليغ الدعوة في مثل هذه الأحوال، وخاصة أن أبا لهب هذا هو عمه وله أيضًا أتباع وأنصار.
إذن فليجمع الرسول   صلى الله عليه وسلم الناس في موعد آخر، يبادر هو فيه الكلام ويسبق أبا لهب وغيره.
موقف أبي طالب من الدعوة
في جولة ثانية، وفي اجتماع ثانٍ، وفي أمر إن دل على شيء فإنما يدل على أن طريق الدعوة شاق وطويل، وأن الدعوة مكلفة ولها ثمن وأثمان، وأن الداعية يعطي لا يأخذ، وأنه يساعد لا يطلب المساعدة، وأنه يخدم لا يطلب الخدمة، جمع الرسول الله   صلى الله عليه وسلم أهله وعشيرته مرة ثانية على الطعام، وفي هذا الموعد الثاني بادر الرسول   صلى الله عليه وسلم بالحديث فقال: "الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ، وَأُؤْمِنُ بِهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ". إنها كلمات خطيرة جدًّا في مكة في ذلك الوقت.
ثم قال: "إِنَّ الرَّائِدَ لاَ يَكْذِبُ أَهْلَهُ، وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ خَاصَّةً، وَإِلَى النَّاسِ عَامَّةً، وَاللَّهِ لَتَمُوتُنَّ كَمَا تَنَامُونَ، وَلَتُبْعَثُنَّ كَمَا تَسْتَيْقِظُونَ، وَلَتُحَاسَبُنَّ بِمَا تَعْمَلُونَ، وَإِنَّهَا الْجَنَّةُ أَبَدًا أَوِ النَّارُ أَبَدًا".
ورغم أنه خطاب قصير جدًّا، إلا أن الرسول   صلى الله عليه وسلم جمع فيه الكليات الأساسية للعقيدة، ووضح فيه مغزى الرسالة، كما أنه -تقريبًا- أعلن الحرب على آلهة قريش وعلى من يقفون وراءها.
وإزاء هذا الخطاب القصير والبسيط في ظاهره، العميق الدلالة في جوهره، كان لأقارب رسول الله   صلى الله عليه وسلم موقفان متباينان.
موقفان متباينان
الموقف الأول
هو موقف أبي طالب، عم رسول الله   صلى الله عليه وسلم، الذي أحبه حبًّا يفوق حب أولاده، وهو الذي كان قد تكفل به بعد وفاة جده عبد المطلب، والذي يعدّ موقفه هذا من أكبر علامات الاستفهام في التاريخ.
فقد وقف إلى جواره يشجعه بكل طاقاته، لكنه ما دخل في دينه أبدا، لقد تحمّل أبو طالب الكثير من تبعات الدين الشاقة ولكنه لم يستمتع بأجمل ما فيه، تضحية وبذل وجهاد وعطاء، ولا إيمان {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ} [القصص: 56]، قام أبو طالب فقال: "ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقنا لحديثك، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنما أنا أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب (يقصد النصرة)، فامضِ لما أُمرت به (وهذا يعني أنه كان يعلم أن الله أمره بذلك، ولم يأت به من عنده)، فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب".
تناقض بشع في ذات المقالة، فقد وقفت التقاليد حاجزًا وحائلاً بين أبي طالب وبين الإيمان، ووقف تقديس رأي الآباء والأجداد حتى وإن كان مخالفًا للحق دون دعوة الحق.
لكن ما يهمنا هو أن أبا طالب كان واضحًا وصريحًا في دفاعه عن رسول الله   صلى الله عليه وسلم من أول يوم جهر فيه بالدعوة لأقاربه.
الموقف الآخر
هو موقف أبي لهب فما زال مصرًّا على عدائه فقد قال: هذه والله السوءة، خذوا على يده قبل أن يأخذ غيركم. فقال أبو طالب: "والله لنمنعه ما بقينا".
الدعوة لقريش عامة
جاءت الأوامر من الله عز وجل  أن يوسع الرسول  صلى الله عليه وسلم دائرة الدعوة، ويقوم بصيحة أعلى لدعوة قبيلته الكبيرة قريش بكل بطونها، فما كان من الرسول   صلى الله عليه وسلم إلا أن صعد جبل الصفا فجعل ينادي: "يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ، يَا بَنِي هَاشِمٍ"ٍ. كل بطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما الأمر، فجاء -كما يقول ابن عباس في رواية البخاري- أبو لهب وقريش (يذكر أبا لهب خاصة لموقفه في هذا الحدث).
فقال  صلى الله عليه وسلم:"أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغْيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟" ومع أن هذا أمر غاية في الخطورة ويحتاج إلى رويّةٍ وتثبُّت، إلا أنهم قالوا: نَعَمْ؛ مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا. فقال  صلى الله عليه وسلم: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ".
أي: إذا كنتم تصدقون إنذاري لكم بخيلٍ وأعداء، فيجب أن تصدقوا إنذاري لكم بعذاب شديد إذا بقيتم على ما أنتم عليه من عبادة الأوثان، وتحكيمها في حياتكم.
وكان موقف أبي لهب هو أن قال: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فنزل قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1].
كانت التقاليد وأعراف المجتمع هي التي منعت أبا طالب من الإيمان، وكان الذي منع أبا لهب من الإيمان هو الجبن، والجبن الشديد، فهو الذي قال: "ليس لنا بالعرب من طاقة". ليس لنا قدرة على تغيير المألوف، ولا يمتنع أبو لهب أن يقف بجوار القوي وإن كان مخالفًا للحق، كما أنه لا يمتنع عن خذلان ابن أخيه والتكذيب بالحق الذي جاء به طالما هو في موقف الضعيف كما يتراءى له، وإن كان من أقاربه ومن عشيرته، وهذا هو الذي أرداه فجعله من الأخسرين.
وهكذا نرى التدرج الواضح في أمر الدعوة والذي قام به رسول الله   صلى الله عليه وسلم، فقد دعا الأقارب أولاً، ثم قريشًا، ثم عامة الناس.
ومع الأمر الإلهي: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ} [الحجر: 94] يكون قد وضح أمران من المفترض أنهما سيظلان متلازمين في هذه المرحلة، التي تسمى مرحلة جهرية الدعوة، وهما:
الأمر الأول: إعلان الدعوة للناس عامة، مع خطورة هذا الأمر.
الأمر الثاني: الإعراض عن المشركين، بمعنى عدم قتالهم، وهذا يحمل في طياته أن المشركين سيحاولون قدر استطاعتهم أن يوقفوا مد هذه الدعوة، وعلى الرسول  صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة أن يتجنب الصدام مع الكفر، حتى ولو حدث كيد وحدث تعذيب، بل لو حدث قتل، فهذه ظروف مرحلة معينة دقيقة جدًّا تمر بها الدعوة.